جامع تفسير البخاري في صحيحه 1/3

١٤٨

وبعد: فإنَّ ديوان الحديث الأعظم، وإيوان الأثر الأفخم هو «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ، وسننه ، وأيامه».


وهو صنعة أمير المؤمنين في الحديث، وناصر السُّنَّة في القديم والحديث المجتهد المطلق، والإمام الموفق، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الذي جمع في صحيحه أصول علوم الإسلام من حديث خير الأنام، وزاد على ذلك تفسير كلام المَلِكِ العلّام، فزان كتابه بمناقب لا تحصى، ورصعه بفضائل لا تستقصى حتى عُدَّ كتابه توفيقاً إلهيا ،وإلهاما ربانيا، وفي كل يوم تظهر للكتاب الجامع حسنات، ومن قديم وإلى اليوم، وهو موطن البركات، من معين أسراره تُقتبس العلوم الشريفة، ومن سلسل موارده تستقي الفهوم المنيفة ، وصار «صحيح البخاري» كلمة إجماع بين أهل الإسلام، بقراءته يُستسقى الغمام وباتباع ما فيه من الوحي يهتدي الأنام، فهو بحر علوم ومعارف، مَن خاضه ظفر بكنوز لا تنفد أبدًا، وفاز بجواهر لا تحصى عددًا.


وقبل ما ينيف على ثلاثين عامًا، صدر كتاب بعنوان: «إتحاف القاري بمعرفة جهود وأعمال العلماء على صحيح البخاري»، لمحمد عصام الحسني، ذكر فيه ثلاثمئة وخمسة وسبعين كتابًا ألفت في البخاري ومصنفاته.


ولا أحسب اليوم إلا أن العدد تضاعف، لاسيما بين الدراسات الجامعية، والبحوث التخصصية في مختلف العلوم الشرعية واللغوية.


وما ارتفع ذكر البخاري إلا بالصحيح الذي كان من الأسباب التي قيضها الله لتدوين السُّنَّة الصحيحة، فكان له بذلك الانتساب إلى السُّنَّة نصيب من قول الله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ فكل من ارتبط بحديث نبينا، فقد ناله من هذا الشرف بقدر عنايته ورعايته علمًا وعملاً.


ومن هذه الدراسات التي أرجو لها أن تتبوأ منزلةً جليلة في نصرة الكتاب بالسُّنَّة الصحيحة، ونصرة السُّنَّة بالمناهج الأثرية السديدة، هذا السفر الجليل الذي هو بعنوان: «جامع تفسير البخاري في صحيحه».


وهو عمل علمي متقن قام على أسس منهجية، وامتد لثلاث سنوات من البحث والجمع والتصنيف لإخراج موسوعة تفسير الإمام البخاري التي بثها في تفسيره أجمع، وليس فقط في كتاب التفسير من «صحيحه».


وبهذا السفر الجليل يظهر البخاري مُؤسّسًا لعلم التفسير بمنهجية فريدة احتذاها من جاء بعده من كبار المفسرين، بدءًا من الإمام الطبري شيخ المفسرين بلا منازع.


وقد رأيت أن أخي الكريم الشيخ إبراهيم أبو شنب، لم يدخر وسعا في خدمة هذا المصنف منذ كان فكرة، ثم محاولة أولى، ثم عملا منهجيًّا مستوعبًا لكل ما سبق من دراساتٍ جامعيةٍ كتبت عن البخاري مفسرًا، وعن منهجه في علوم القرآن، حتى قام هذا المصنف على سُوقه مُؤتِياً أطيب الثمر في تقديم تفسير مكتمل تصح نسبته إلى الإمام البخاري؛ لينتفع به كل تال لكتاب الله تعالى وليتخرج به كل مفسر أثري، وكل عالم سلفي.


والله تعالى أسأل أن يكتب لهذا التفسير البخاري القبول، كما كتب للصحيح الذي منه جمع ، ومن شوارد إشاراته انتزع.





تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ١٫٥ كجم
  • ١٤٨
إضافة للسلة

منتجات قد تعجبك