التوحد... اسم شاع وانتشر كالنار في الهشيم في السنوات القليلة الماضية، ليصبح كابوسًا مزعجًا لدى كثير من الآباء في مصر والعالم، في حال أن شخّص الطبيب أن أحد الأبناء مصاب بالتوحد. فما هو التوحد، وما هي معايير تشخيصه؟ وهل هو مرض فعلًا كالأمراض، أم ينبغي تسميته بشيء آخر؟ ما دخل السياسات الدوائية للشركات متعددة الجنسيات وأجهزة اللوبي القوية العاملة لحسابها في اعتبار التوحد مرضًا؟ ولماذا لم نسمع عن التوحد من قبل، أو على الأقل بهذه الكثرة وهذا الاضطراد؟ هل اكتُشِف فجأة؟ وهل هو وليد نمط حياة أواخر القرن العشرين مثلًا؟ أم هو وليد شركات التسويق والماركتينج الحديثة؟
يهدف الكتاب في حقيقة الأمر إلى إثارة الحاسة النقدية لدينا جميعًا ولدى الآباء على وجه الخصوص، يهدف إلى أن يوصل رسالة واضحة، وهي: انظروا إلى عيون أولادكم، احتضنوهم، أحبوهم بصدق، وبهذا تكونوا قد قطعتم نصف المسافة إلى قلوبهم.
الكتاب هو نداء للآباء: ألا تستسلموا ولا تركنوا إلى منطقة الراحة التي يريدكم فيها المساهمون في شركات الدواء، بل عليكم العمل بحب ويقين أنكم قادرون على مساعدة أبنائكم.
يتطرق الكتاب إلى أن الأطباء أنفسهم غير متفقين على تعريف دقيق للتوحد، ولذا قامت الشركات بإطلاق تسمية جديدة وهي "طيف التوحد"، بما يعني أن هناك أطيافًا متعددة لهذا الأمر.
تطرح المؤلفة -التي شُخِّصت هي شخصيًا بالتوحد- السؤال عن السبب الذي يجعلنا نصف بالتوحد شخصًا لديه بعض الخجل أو بعض الحرج في التواصل المجتمعي مع الناس، أو التواصل البصري مع الآخرين بسبب حساسية زائدة أو حس مرهف أكثر قليلًا أو كثيرًا من السائد؟ وتكمل تساؤلها قائلة: ألم نكن جميعًا نقول منذ ثلاثين أو أربعين عامًا إن فلانًا حساس قليلًا أو خجول أو انطوائي أو غيرها من الصفات؟ لماذا لم نعد نستخدم هذه الصفات الآن؟ لماذا نسارع جميعًا إلى القول السهل "إن فلانًا مصاب بالتوحد"؟
تناشد المؤلفة الآباء والمجتمع كله ألا نستسلم لسردية الرأسمالية الدوائية المستغلة، وأن نتحلى بالصبر، ومن قبله بالحب لأبنائنا، ومن قبلهما اليقين والإيمان بالله، وأن نعطي أنفسنا الوقت والحكمة الكافيين لتجاوز الأزمة.
حقق الكتاب أعلى المبيعات في أوروبا وأمريكا، وكأنه -على صغره- مثّل للناس هناك إشارة لشيء كانوا جميعًا يشعرون به ولا يجيدون التعبير عنه، وأعطاهم اليقين أن هناك من استطاع التعبير عنهم بحب وأمانة.
يا آباء العالم، اتحدوا، التوحد ليس مرضً