فمن مقاصد التصنيف لدى العلماء: جمع الفوائد المنثورة، وتقييد الشوارد المبثوثة في بطون الكتب، وجمعها في مصنف واحد بغرض تسهيل الوصول إليها، وتقريبها إلى القراء حتى يستفيد منها المتخصص وغير المتخصص.
ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية موسوعة علمية متكاملة، حتى فاق أهل زمانه، وشهد له بذلك القاصي والداني:
قال الطوفي: «وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسنة واللغة والنظر، مالا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس، كأن هذه العلوم بين عينيه يأخذ منها ما يشاء ويذر».
وقد وفقني الله عَزَّوَجَلَّ لقراءة كل ما وقفت عليه من كتاب مطبوع لـ «شيخ الإسلام ابن تيمية، وتقييد كل ما يمرّ بي من فائدة عزيزة، أو نكتة بديعة، أو استنباط لطيف، حتى تجمع عندي منها الكم الكثير، فأودعتها في هذا الكتاب رغبة مني في تقريب علوم هذا الإمام الحبر، وتيسيرها وتقديمها بين أيدي الناس، حيث قد يكسل الكثير من القراء، وينصرفون عن قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ، إما لصعوبة أسلوبه أو لعدم التخصص في العلوم الشرعية.
وقد بقيت سنوات في قراءة مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية، قراءة متأنية حتى اكتمل معي كل ما وقفت عليه من كتبه المطبوعة، وقيدت ما تيسر لي تقييده من الفوائد.
فقصدت أن أرتب بعض المسائل والفوائد على أبواب العلم، حتى تكون كالمدخل للولوج إلى علوم هذا الحبر ، وتكون سلّما لمن أراد أن يقرأ تراث شيخ الإسلام ابن تيمية.
