النكت الوفية بما في شرح الألفية 1/2 - ماهر الفحل

١١٠

فإِنَّ عِلْمَ الحَدِيثِ درايةً ورِوَايَةً من أشرف العلوم وأجلها، بلْ هُوَ أَجلُّها عَلَى الإطلاق بعد العلم بالقرآن الكريم الذي هُوَ أصلُ الدِّينِ ومَنبعُ الطَّرِيقِ المستقيم، فالحديثُ هُوَ المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعضُه يستقل بالتشريع، وكثير منه شارح لكتاب الله تَعَالَى مبيّن لَهُ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ.


وعلمُ الحَدِيثِ تتفَرَّعُ تحته علومٌ كثيرةٌ، ومِن تِلْكَ العلومِ : علم مصطلح الحَدِيثِ: وَهُوَ العلمُ الذي يكشِفُ عَنْ مصطلحات المحدّثين التي يتداولونها في مصنفاتهم ودروسهم.

وَكَانَ من أحسنِ تِلْكَ الكتُبِ كِتابُ الحافظ أبي عَمْرو عُثْمَانَ بن عبد الرَّحْمَنِ الشَّهْرَزُوري (ت ٦٤٣ هـ) المُسَمَّى «مَعْرِفَة أنواعِ عِلمِ الحَدِيثِ»، قَالَ الحافظ ابنُ حَجَرٍ: هدَّب فنونَه وأملاه شيئًا بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه عَلَى الوضعِ المتناسبِ، واعتنى بتصانيفِ الخَطِيبِ المتفرقة فجمع شتات مقاصدها


وضم إليها من غيرِها نُخَبَ ،فوائدِها ، فاجتمعَ فِي كتابهِ مَا تفَرَّقَ فِي غيرِه، فلهذا عكَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وساروا بسيره، فلا يُحصى كم ناظم لَهُ ومُخْتَصر، ومستدرك عَلَيْهِ، ومقتصرٍ ، «ومعارض لَهُ ومنتصر».


وكان من أحسنِ تِلْكَ الكُتُبِ التي اعتنت بكتابِ ابن الصلاح كِتَابُ الحافظ العراقي «شرح التبصرة والتذكرة»، إذْ نَظَمَ الحافظ العراقي كِتَابَ ابنِ الصَّلاحِ بألفية من الشِّعر سمَّاها: «التبصرة والتذكرةَ» ثُمَّ شَرح الألفية بكتابه:«شرح التبصرة والتذكرة».

ومنذ ظهورِ ذَلِكَ الكتابِ النفيس اهتم العلماء بهذا النظم والشرح.


ومِنْ أولئك الذين اعتنوا «بشرح التبصرة والتذكرة» الحافظ ابن حجر العسقلاني، وهذا الكتاب الذي بَيْنَ يديكَ، إنما هُوَ من نتاج ابن حَجَر، جَمَعَه ورتَّبَهُ تِلميذُه النَّجيبُ البقاعي وأضافَ عَلَيْهِ؛ حَتَّى خرَجَ بِهَذهِ الحُلَّةِ الطَّيِّبة المباركة.


إذ صرح البقاعي نفسه فِي أَوَّلِ مقدمتِه فَقَالَ: «قيَّدتُ فِيهَا مَا استفدته من تحقيق تلميذه، شيخنا شيخ الإسلام حافظ العصر أبي الفضل شِهَابِ الدِّين أحمد بن عَلَيَّ ابنِ حَجَرٍ الكِناني العسقلاني، ثُمَّ المِصري الشَّافِعِيّ قاضي القضاة بالديار المصرية أيام سماعي لبحثها عَلَيْهِ، باركَ اللهُ فِي حياتِه وأدامَ عموم النفع ببركاتِهِ سميتُها النكت الوفية بما فِي شَرْحِ الألفية»، واعلم أنَّ مَا كَانَ فيها من بحثي صدَّرتُه فِي الغالبِ بقلتُ، وختمته بقولي: والله أعلم...».


ومن يطالع الكتاب لأوَّلِ وهْلَةٍ يجدُ أنَّ مَا لَمْ يصدِّرْه بـ: «قُلْتُ أكثر بكثير مِمَّا صدَّرَه بـ «قلتُ». مِمَّا يدلُّنا عَلَى أَنَّ غالب الكتابِ منقول عَنْ لسانِ الحافظ ابنِ حَجَرٍ زيادةً عَلَى النُّصوص الكثيرةِ التي صَرَّحَ فِيهَا بالنقل عَنْهُ.


ولأهمية هذا الكتاب ونفاستِه ومعرفتِي بقيمته العلمية من خلال تحقيقينا لـ «شرح التبصرة والتذكرة» أردتُ إخراج هَذَا الكتاب من حيز المخطوط إلى عالم المطبوع، وقد منَّ اللَّهُ عَلَيَّ بأن وقفتُ عَلَى أربع نسخ خطية من الكتاب. إحداهن نسخة نفيسة مقروءة على المؤلّف، وعليها خطه في مواضع كثيرة من حواشي المخطوط، وقد كتبها الشيخ العالمُ شِهَابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ مُحَمَّد بن عُمَرَ الحمصي سنة (٨٨٠هـ).


وبعد: فهذا كِتَابُ: «النكت الوفية بما فِي شَرْحِ الألفية» للبقاعي، أُقَدِّمُه لمحبي المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السائرينَ عَلَى هديه الراجين شفاعته يَوْمَ القيامة، قد خدمته الخدمة التي توازي تعلقي بسنة سيدنا المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبذلتُ فِيهِ مَا وَسِعَنِي مِن جُهْدٍ ومال ووقت ، ولم أبخل عَلَيْهِ بشيءٍ من الوقتِ، وَكَانَ الوقتُ الذي قضيته فيه كله مباركاً.


الشيخ ماهر الفحل شيخ دار الحديث العراقي

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ١٫٥ كجم
  • ١١٠
نفدت الكمية
المنتج غير متوفر حاليا

منتجات قد تعجبك