لقيت منظومة ابن عاشر الفاسي المسماة بـ«المرشد المعين على الضروري من علوم الدين»، إقبالاً واهتماماً شديدين من لدن المنتسبين لمذهب مالك عامة، ومن علماء المغرب الأقصى خاصة، فقد تصدّوا لها بالحفظ والتدريس، وبالشرح والتقييد.
ويبقى عمل تلميذ الناظم من أبرز ما ألف في شرح هذه المنظومة؛ إذ يعد كتاب «الدر الثمين والمورد المعين على الضروري من علوم الدين»، للإمام الفقيه محمد بن أحمد ميارة الفاسي (ت1072هـ) أحد أوعية العلم والمتفقهين في علم الأحكام، المعروف بميارة الكبير، أهم وأفضل شرح خدم منظومة المرشد المعين، بحل ألفاظها، وإظهار معانيها، وتبسيط دانيها، وفتح مغاليقها، بل إنه زاد في خدمة هذه المنظومة بتأليف اختصار لشرحه عليها عرف بشرح ميارة الصغير.
ويرجع تأليف الشيخ ميارة لهذا الاختصار لدواعي ذكرها في مقدمة الكتاب، فهو كما يقول لما أكمل الشرح وخرّجه من مبيضته:«وجدته لطوله غير مناسب لمشروحه، ولا جار على طريقته، فهمَمت باختصاره، واقتطاف أنواره، كي يناسب المشروح، وتغتبطه من كل قارئ لأصله النفس والروح»، إلا أن هّمَته إلى هذا الاختصار حالت دونها عوارض الدهر والتسويف، إلى أن منّ الله عليه بزيارة مدينة سلا، فوافى بها الإمام أبا محمد عبد الله بن محمد بن أحمد العياشي، الذي حضّه على اختصار شرحه على المنظومة بعد مطالعته له، فكان ذلك دافعاً له على البدء بالاختصار.
وقد استهل الكتاب بمقدمة بيّن فيها مراده ودافعه على الاختصار، ثم أتى على جميع أبواب المنظومة شرحاً وبياناً يفي بالمقصود، ومعظم مادة الكتاب في شرح الأبيات المتعلقة بالأحكام الفقهية، لذلك غلب على المنظومة وشروحها البعد الفقهي رغم ما تحويه من مباحث عقدية، واقتصر الشيخ ميارة في هذا الاختصار على حل الألفاظ مع بيان ما أبهم من المعاني، إلا أنه في الأمور التي تقتضي التفصيل والبيان يحيل على شرحه الكبير على المنظومة، كقوله:«انظر ما ينبني على ذلك في الكبير»، «فانظره وما يتعلق به من الفروع في الكبير»، إلى غير ذلك، وقد ينبه الشيخ أيضاً في شرحه على قضايا فقهية فاتت الناظم فيذكرها بقوله:«تنبيه»، و«تنبيهات»، أوقوله مثلا في مسألة ذكر المعقبات إثر الصلوات:«وبقي على الناظم استحباب ذكر المعقبات إثر الفرائض كما في الرسالة وغيرها».