أولى المسلمون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعناية فائقة منذ وقت مبكر فتعددت أساليب صيانتها بين الحفظ وتناقل الأجيال، والكتابة إلى أن نضجت شروط علم مستقل بالحديث النبوي الشريف، انصب على دراسته متنا وسندا . ويأتي صحيح البخاري على رأس كتب السنة التي صنفها علماء الأمة الأفذاذ، وتبوأ هذا المصنف منزلة عظمى في نفوس أهل السنة والجماعة. وقد تلقاه العلماء بالقبول في كل عصر حتى قال ابن تيمية : فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم ابن تيمية، الفتاوى الكبرى (86/5].
ورغم هذا القبول الذي حظي به صحيح البخاري عند الأمة الإسلامية فإن هذا لم يمنع العلماء عموما والمحدثين خصوصا من نقد ومراجعة بعض أحاديث صحيح البخاري، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الإمام الدارقطني الذي تعقب 110 حديثا من أحاديث البخاري، وتحدث عن عللها بما هو معروف عند علماء الحديث، وهناك من العلماء من تعقب الإمام البخاري في حديث أو حديثين أو أكثر.
وفي العصر الحاضر تثار قضية نقد ومراجعة صحيح البخاري أحيانا من طرف غير المتخصصين في العلوم الشرعية. وعموما يمكن تقسيم هذا النقد إلى نوعين، فمنه النقد العلمي المبني على الحجة والدليل والبرهان، وهذا يكون من قبل المحدثين، ونقد يروم التجديد في أصول علم الحديث ويهدف إلى تنقية كتب السنة مما علق بها من الشوائب. وهناك نقد يرمي إلى الطعن في كتب السنة وعلى رأسها صحيح البخاري ليسحب عنه صفة الصحة جملة وتفصيلا، أو في أحسن الأحوال سحب صفة الصحة عن عدد من أحاديثه.