لابد من تيسير هذه العلوم وتبسيطها لتسهل على الحفظ والاستذكار فقام أئمة النَّظْمِ ممّن جمع بين الشِّعر والعلم بصياغة أصول مسائل هذا العلم بقصائد مفيدة، كانت كالعقود النادرة الفريدة، تلقتها الأمة عنهم بالقبول، وحفظها طلاب العلم على مر الزمان والعصور ، حتى وصلت إلينا منقحة مهذبة ما فيها بثور.
وكان من أقدم تلك المنظومات وأشهرها وأكثرها رواجًا في زمانها وأدومها ذكرًا إلى زماننا هي المنظومة المسماة ( عقيدة الشيباني)، أو (العقيدة الشيبانية)، أو (المنظومة الشيبانية).
وكان من أهم شروح هذه القصيدة هو الشرح المسمى (بلوغ الأماني في عقيدة الشيباني) لمؤلفه شيخ الإسلام أبو الوفاء بن عمر العرضي، الحلبي، (المتوفى : ۱۰۷۱ هـ) وهو الكتاب الذي نحن بين يديه الآن.
وتكمن أهمية هذا الكتاب في قِدَم النظم، وشهرة المؤلّف، وما تميز به عن غيره من الكتب من الشروح من حيث مادته العلمية ومحتواه الثري.
يقول المؤلّف عن سبب تأليفه لهذا الكتاب: وقد رأيتُ جماعة من أهل التحصيل، وشاهدت جماعة قليلة من الناس ممّن حاول فهم العقائد بالتحقيق والتعليل، قد صرفوا عنان الطلب إلى عقيدة الشيباني، فهما وحفظا، وراموا إتقان ما فيها من العقائد معنى ولفظا، إلّا أنَّهم لم يجدوا شرحًا مطولا يوضح لهم مُشْكلها، ويبين لهم بنات الأفكار من تحت السطور، ويفتح مُغلَقَها، فاستعنت بالله في إيضاح ما فيها من مشكلات، وكشف القناع لاقتراح ما فيها من أبكار المسائل الخفيات.
