من محاسن اللُّغة سَعَة مفرداتها، وجمال ألفاظها، ومن تمام الأدب حُسن اختيار الكَلِم، ومن عيون الأقوال الحكم، ومن رونقها أنها قول بليغ، مُوجَةٌ، غَزِيرُ المَعنى، ذو دَلالاتٍ بعيدة، فيها تذكير ووعظ، وحن وزجرٌ، وتصويرٌ للمعاني، وتصورٌ للأعيان، تَصدُرُ عن عَقْلٍ واع، وخبرة عميقة.
ومن تجارب الزمان، وخلاصة الأعمار، اجتبى العلماء من ألفاظ الحكم أعذبها، ومن الجُمل أروعها، فمنهم من دَوَّنها في منثور كلامه كما صنع ابن حزم له في كتابه: «الأخلاق والسير»، حيث قال: جمعت في كتابي هذا معاني كثيرة، أفادَنِيها واهب التمييز تعالى، بمرور الأيام، وتعاقب الأحوال، بما منحني الله من التهمم بتصاريف الزمان، والإشراف على أحواله، حتّى أنفقتُ في ذلك أكثر عُمرى).
ومنهم مَنْ نَظَمَها شعراً؛ كأبي الفتح علي بن مُحمَّد بن الحسين البستي في قصيدته: «قَصِيدَة أَبِي الفَتْحِ البُسْتِي عنوان الحِكَم»، بَيَّن فيها جميل الصّفات، ومكارم الأخلاق، ومحاسنَ العادات، تَجْذِبُ القارئ ببديع مبناها، وحلاوة معناها ، وتَنْثُرُ على السَّمْعِ دُرَرَ الجُمَان، وعلى القلب اللطائف الحِسَان.
