لأن الإعلام بوصفه وسيلة تواصل إنساني في صورته الحداثية الحالية بات مصدرًا مؤثرًا وفاعلًا في عمليات إنتاج القيم وتقييمها، بل وأضحى منظومة من الوسائل التواصلية التي تغير في معمار النقاء الأخلاقي والسلوكي للبشرية، وتنتقل من قيم الحرية والقوة والمساواة بمضمونها وحدودها السوية إلى حدود لا أخلاقية منافية لأطر الوحي والفطرة.
ولأن البحث في نظريات الاتصال الجماهيري المختلفة هو السبيل للوعي بهذا الإشكال وجذوره، كما أن التنقيب المعرفي عن النظم القيمية العامة التي تستطبنها هذه النظريات؛ هو من الضرورات المنهجية لكشف مناط المسؤولية عن ما نراه من تغيرات في القيم السوية.
تأتي هذه الأطروحة الأكاديمية، من مركز نماء، يسعى من خلالها الباحث لبيان أبرز النظريات المعنية بالاتصال الجماهيري، ومضامينها المنتجة للقيم، وذلك من خلال عرض لنشأة هذه النظريات، وطرائق تحقيقها للقيم، ونماذج تحليل هذا الاتصال الجماهيري، والأنظمة الحاكمة لهذا النماذج.
إن البحث والحفر المعمق في مسار الإجابة عن سؤال القيم العالق في فضاء الفكر العربي المعاصر؛ هو من المهام المعرفية التي تفتضيها الحالة الحضارية العربية والإسلامية الراهنة، وهي ما تسعى هذه الأطروحة بالمشاركة في بلورة إجابة عن أحد أهم أسئلتها الراهنة.
