بحمد الله وفضله وتمام نعمه التي لا تحصى تم اليوم طباعة هذا الكتاب المبارك في (27 مجلداً) بعد جهد سنوات واصلنا فيها العمل عليه بهمّة وعزيمة لا نبخل بوقت ولا نضن بجهد في سبيل تجويده وإخراجه في أحسن صورةٍ.
وقد اشتمَلَ هذا التَّحقيقُ على جُملةٍ منَ الأمورِ المُهمَّةِ الَّتي يَحسُنُ عَدُّها ضِمنَ مَراتبِ التَّحقيقِ الجليلةِ الَّذي تَطمَحُ إليه نُفوسُ أهلِ العِلمِ، وهو الَّذي يَنبغي أن يكونَ في أَمثالِ هذه الأَعمالِ المَوسوعيَّةِ، مِن ذلك:
أوَّلًا: الأُصولُ الخَطِّيَّةُ الَّتي تَمَّ الاعتِمادُ علَيها: تمَّ الوقوفُ بحَمدِ اللهِ على عَشَراتِ النُّسَخِ الخطِّيَّةِ لِهذه الحاشيةِ، وقد عثَرنا ـ بتَوفيقِ الله ـ مِن خِلالِ البَحثِ ثمَّ الجَمعِ على نُسخةِ العلَّامةِ الخَفاجيِّ الَّتي كَتَبَها بخطِّه (الأصل)، فقابَلْنا النَّصَّ عليها حَرفًا بحَرفٍ.
ثمَّ قابَلْناها على نُسخةِ تِلميذِه الشَّيخِ العِنانِيِّ (ع) الَّتي كتَبَها للخفاجيِّ، فكانت بين يديه، وكتَبَ علَيها الخَفاجيُّ بخَطِّه بعضَ الاستِدراكاتِ.
كمَا رجَعْنا كثيرًا إلى نُسخةِ تَلامِذةِ الخَفاجِيِّ الأَزهريِّينَ (ف) الَّتي كُتِبَت من خَطِّ الخَفاجيِّ وفي حَياتِه رحِمَه الله.
وإلى نُسخةٍ أُخرَى في مكتبة أيا صُوفيا (أ).
وإلى نُسخةِ وَلِيِّ الدِّينِ أفَندي (و) الَّتي كُتِبَ بعضُها في حياةِ الخَفاجيِّ.
ونُسخةِ راغِب باشا الَّتي نُسِخَت من مسودةِ العَلَّامةِ الخَفاجيِّ.
ثانيًا: التَّوثيقُ والتَّخريجُ: وذلك بَدءًا مِن الإحالاتِ الَّتي ذكَرَها الخَفاجيُّ على هامِشِ نُسختِه وأَثبَتْناها كما هيَ على هَوامشِ طَبعتِنا هذه، وهذا الجانِبُ مِن عملِ الخَفاجيِّ لم يُنشَر مِن قَبلُ، وأُغفِلَ في جميعِ الطَّبَعاتِ السَّابقةِ بما فيها طَبعةُ بُولاقٍ الَّتي قامَ علَيها بعضُ العُلماءِ قبل (150) عامًا. وأكثرُ تِلكَ الإحالاتِ كانَت مِن مصادِرَ خطِّيَّةٍ لم تُطبَع حتَّى يَومِنا هذا، وهذه الإحالاتُ لَيسَت قَليلةً بل كثُرت حتى بلَغت الألوفَ.
ثمَّ قُمْنا بتَخريجِ وتَوثيقِ كُلِّ ما في هذه الحاشيةِ ممَّا استَطَعْنا الوُصولَ إلَيه مِن مَصادرِ القِراءاتِ والأَشعارِ، والأحاديثِ والآثارِ، وتَوثيقِ نُقولِ الخَفاجيِّ مِن بُطونِ الكتُبِ والمَعاجمِ الَّتي نقَل عنها، ثمَّ إنَّنا لا نَكتفِي في الغالبِ بتَوثيقِ المَصدرِ الَّذي نقَلَ عنه فقط، بل ما تضمَّنَه ذلك النَّقْلُ مِن نُقولٍ أُخرَى داخِلَه؛ كأَنْ يَنقُلَ الخَفاجيُّ عن السَّمينِ الحلَبيِّ، وعندَ السَّمينِ نُقولٌ أُخرَى عَن سِيبويهِ وأبي عليٍّ الفارسيِّ والفَرَّاءِ وأبي حَيَّانَ وغيرِهم؛ فإنَّنا نُوثِّقُ تلكَ النُّقولَ أيضًا ولا نُغفِلُها. فكانَ هذا أيضًا مُشتمِلًا على آلافٍ مِن تَوثيقِ القِراءاتِ والحَديثِ والشِّعْرِ والكلِماتِ المُعجميَّةِ وغيرِها.
ثالثًا: الدِّراسةُ: اشتَملَ هذا التَّحقيقُ على دِراسةٍ وافِيةٍ عن حياةِ العلَّامةِ الخَفاجيِّ، ومَنهَجِه في هذا العمَلِ المَوسوعيِّ، سلَّطت الضَّوءَ على أشياءَ جديدةٍ لَم تُبحَثْ عند الخَفاجيِّ مِن قبلُ، ذلك أنَّ ما قامَ مِن دِراساتٍ نَحويَّةٍ وبَلاغيَّةٍ وما كُتِبَ عن مَنهجِ الخَفاجيِّ ـ على فضْلٍ وجُهدٍ في بَعضِها لا يُنكَرُ ـ كانت تِلكَ الدِّراساتُ قاصِرةً عن فَهمِ مَنهجِ الخَفاجيِّ كما يجِبُ، وربَّما ذهَبَ بعضُها إلى أنَّ أكثرَ ما يَسوقُه الخَفاجيُّ هو مِن كلامِه دونَ تَبيُّنِ مَصادرِه ونُقولِه وفَصلِ كلامِه عن غَيرِه، فدفعنا هذا إلى فَتحِ جَميعِ المَصادرِ الَّتي نقَلَ عنها الخَفاجيُّ مما وقفنا عليه، والنَّظَرِ فيما له وما لغيرِه من الكَلام، وهو ما قامت عليه هذه الدراسةُ التي بين أيدينا.
رابعًا: الفهارِسُ العِلميَّةُ: ختَمْنا هذا العملَ بفَهارِسَ عِلميَّةٍ مُفصَّلةٍ بلَغَت ثلاثينَ فِهرِسًا، اشتمَلَت على أهمِّ ما يُعيْنُ الباحثينَ والدَّارسينَ في مُطالعاتِهم لهذا الكتابِ، وكانَ مِن أهمِّها: فهارسُ النَّحوِ والصَّرفِ والشِّعرِ والمُعرَّبِ والدَّخيلِ والألفاظِ المفسَّرةِ والألفاظِ الَّتي ضُبِطَت بالعِبارة، والمَطالِبِ والأَعلامِ والمَصادرِ الَّتي ذكَرَها الخَفاجيُّ على هامشِ نُسختِه وفي مَتنِها، وغيرِها من الفَهارسِ والمَفاتيحِ الأُخرى المُعينةِ في البحث.
والشكر الجزيل للفريق العلمي الذي ساهم في إخراج هذا العمل المبارك وهم الأساتذة الأفاضل:
ـ الأستاذُ المحقِّقُ محمَّد خَلُّوف العبد الله الَّذي أشرفَ على هذا العمَلِ المَوسوعيِّ، وحقَّقَ كثيرًا مِن أجزائِه.
ـ الأستاذُ المحقِّقُ محمَّد عبد الحليم بعَّاج الَّذي كتبَ دراسةً ماتِعةً غزيرةً بيَّن فيها كَثيرًا ممَّا غابَ في الدِّراساتِ عن شخصيَّةِ العلَّامةِ الخَفاجيِّ ومَنهجِه، ثمَّ كان له جُهدٌ كبيرٌ في تحقيقِ جملةٍ من أجزاءِ هذا الكتاب.
ـ الأستاذُ المحقِّقُ ماهر أديب حبُّوش الَّذي حقَّق بعض الأجزاء.
ـ الأستاذُ المحقِّقُ عدنان عادل أبو شعر الَّذي حقَّق بعضَ الأَجزاءِ أيضًا، وساعدَ في ترجمةِ العلَّامةِ الخفاجيِّ.
ـ الدُّكتورُ المحققُ مَحمود مَوصلي الَّذي حقَّقَ جُزءًا مِن أجزاءِ هذا العمَل.
ـ الأستاذُ المحققُ جَمال عبد الرحيم الفارس الَّذي كانَ له جُهدٌ كَبيرٌ في التَّوثيقِ والتَّخريجِ.
ـ الدُّكتور المحققُ عبدُ الرَّحمنِ الخَطيب حيثُ ضبَطَ جُملةً مِن نُصوصِ الكتابِ.
ـ الأستاذ مصطفى جاسم حيث ضبَطَ جُملةً مِن النُّصوص.
والشُّكْر كذلك لِفريقِ المُقابلةِ مُمثَّلًا بالأخِ الأستاذِ محمَّد توفيق تكلة حيث قابَلوا الكتابَ كامِلًا على نُسخةِ العلَّامةِ الخَفاجيِّ.
ولفَريقِ الفَهرسةِ: ونخُصُّ بالذِّكرِ منهم الأُستاذَين الفاضِلَين: فادي عدنان السَّيد، وهادي الهندي.
ثمَّ أخيرًا الأستاذ الحبيب الَّذي قضَى شُهورًا طَويلةً في إخراجِ النَّصِّ فَنِّيًّا لا يَبخَلُ بوقتٍ ولا إتقانٍ في سبيلِ تَجويدِه وإخراجِه في أَبهَى صورةٍ:
خالد محمد ياسين علوان.