لا جرم أن من المسائل الجديرة بالبحث والتحقيق مسألة التلفيق، لأن هذا الموضوع يتعلق بشؤون الناس الشرعية فلا بد من إجلاء القول فيه حتى يكون المكلف على بينة من أمره. فالتلفيق مسألة يتنازعها مقصدان من مقاصد الشريعة؛ الأول: التيسير ورفع الحرج، والثاني: حفظ الدين، فكان لا بد من التوفيق بينهما دون إفراط ولا تفريط، فالقول بمنع التلفيق يلزم منه ضيقٌ وحرجٌ لا يناسب روح الشريعة. وإطلاق القول بجواز التلفيق يستلزم انفراط نظام الشريعة. ولعدم وجود دليل خاص بجواز أو عدمه فكان لزاماً عليَّ استقراء الأدلّة التي تثبت حجيَّة من يؤيِّد التلفيق ومَن يعارضه، وأيضاً من يرى التفصيل في ذلك.