لقد كان الصحابة رضي الله عنهم ينقلون أخبار رسول الله ﷺ في جميع المسائل، سواء كانت أصولاً أو فروعاً، دون أن يفرّقوا بين الظن والقطعي من حيث العلم والعمل، أو بين ما هو من الأصول وما هو من الفروع، كان همهم الوحيد هو نقل هذه النصوص لحفظ الدين والعمل بها. ثم سار التابع ومن بعدهم على النفس، إلى أن ظهرت نابتة من أهل البدع فخالفوا نصوص الوحي واعتزلوا جماهير المسلمين، وأسسوا مقالاتهم على نظريات كلامية بعيدة عن نصوص الوحي ومعارضة لها، وعندما اصطدموا بتلك الأخبار بدؤوا في تأسيس مفاهيم جديدة لتقسيم الأخبار إلى متواتر وأحاد؛ من عبء النصوص ونقض حجيتها. ويُعد واصل بن عطاء المتوفى في الثلث الأول من القرن الثاني الهجري (ت 131هـ) أول من فرق بين نوع الأخبار المتواتر والأحاد في تلك المدة البيضاء، كما تذكر الجاحظ، وكان ذلك قبل أن ينضج علم أصول الفقه والمصطلح الحديث بالصورة التي يعرفونها اليوم. يقولون الجاحظ عن واصل بن عطاء بأنه: «أول من علم الناس مجيء الأخبار والصحتها وفسادها، وأول من قال: الخبر خبران خاص وعامة.