فإن الزكاة من أركان الإسلام، ومن أهم شرائع الدين، وقد قرنها الله بالصلاة في مواضع عديدة، وجعلها الله شعاراً لأهل الدين فقال سبحانه: فإن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَعَاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وسماها رسوله له أحد مباني الإسلام، فقال :(بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً)، ولما بعث النبي ﷺ معاذاً له إلى أهل اليمن ليدعوهم إلى الدين كان من أمره له : (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله وأني رسول الله؛ فإن هم أطاعوا لذلك فأخبرهم أن قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم).
ولمنزلة هذه الشعيرة ومكانتها في الإسلام تولى رسول الله ﷺ جبايتها وندب إليها عماله في البلدان، وعلى ذلك سار الخلفاء الراشدون من بعده، حتى صارت جباية الزكاة وقسمتها من الأعمال المنوطة بالإمام، وهذا ما جرى عليه العمل في غالب العصور حتى يومنا هذا.