أما بعد فإن الإمام أبي محمد ابن حزم الظاهري العلماء المبرزين في تاريخ هذه الأمة، وهو بما أنعم الله تعالى عليه من ذكاء مفرط، وتمكن في الاستدلال، قد ترك لنا تراثاً غنيا بالفوائد العلمية في مختلف فنون المعرفة، وبعد كتابه (المحلى) من أهم الموسوعات الفقهية التي تركها الفقهاء المسلمون خلال العصور المنصرمة، فهو لا يحوي فقه الإمام ابن حزم الظاهري خاصة، أو فقه الظاهرية عامة، وإنما يعد مرجعاً أساسياً في توثيق أقوال السلف الفقهية، والتي نقلها لنا أبو محمد فيه بكل أمانة، كما حوت هذه الموسوعة الفقهية جوانب عديدة في نقل أقول أئمة المذاهب، وفي الوقت نفسه اعتنت عناية خاصة بالحديث النبوي من حيث الإسناد والمتن، ونحن في بحثنا هذا نأخذ جانباً من الجوانب الحديثية الكثيرة والعميقة التي أوردها ابن حزم في كتابه المحلى وقد وقع الاختيار أن يكون موضوع البحث : مختلف الحديث عند الإمام ابن حزم الظاهري من خلال كتابه المحلى ( قسم العبادات ) ، نظراً لأهمية هذا العلم الشريف من جهة المكانة التي يتمتع بها الإمام ابن حزم الظاهري من جهة أخرى، وبقدر تعلق الأمر بالشطر الأول، فإن علم مختلف الحديث من الأقسام المهمة التي ينبغي لطالب علم الحديث أن يدرسها ويتفقه في مظانها ، ويتعرف على أبرز مباحثها، وطرق العلماء ومناهجهم في التصنيف في هذا العلم الشريف .
