الحَمْدُ للهِ الذي خَلَقَ ورَزَقَ ، َوأَنْطَقَ ووَفَّقَ ، والصَّلاةُ على نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ الذي أَوْضَحَ وأَصْلَحَ ، ونَصَحَ وأَفْصَحَ ، وعلى آلهِ الطَّاهِرِينَ؛ أَعْلامِ الإِسْلامِ وَأَيْمَانِ الإِيْمَانِ، وبَعدُ.
فهذا كِتابٌ يَشْتَمِلُ على أَحَاسِنِ الأَلْفَاظِ البَهِجَةِ وَمَحَاسِنِ المَعَانِي الأَرِجَةِ، ولَطَائِفِ الأَوْصَافِ التي تَحْكِي أَنْوَارَ الْأَشْجَارِ، وَأَنْفَاسَ الْأَسْحَارِ وغِنَاءَ الأَطْيَارِ، وأَجْيَادَ الغِزْلَانِ، وأَطْوَاقَ الحَمَامِ، وصُدُورَ البُزَاةِ البِيْضِ، وسِحْرَ المُقَلِ المِرَاضِ، تُحَرِّكُ الخَوَاطِرَ السَّاكِنَةَ، وَتَبْعَثُ الأَشْوَاقَ الكَامِنَةَ، وتُسْكِرُ بِلا شَرَابٍ، وَتُطِرْبُ مِن غَيْرِ إِطْرَابٍ، وَتَهُزُّ النَّفُوسِ بِاضْطِرَامِهَا، كَمَا هَزَّتِ الغُصْنَ رِيحُ الصَّبَا، وكما انتَفَضَ العَصْفُورُ بَلَّلَهُ النَّدَى، من نَثْرِ كالوَرْدِ، ونَظْمِ كالعِقْدِ، وأَخرَجْتُهُ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ بَاباً، مُفَصَّلَةٍ بِفُصُولٍ مَرْسُوَمَةٍ، بِذِكْرِ مُوْدِعِهَا، واللهُ المَوَفِّقُ.
في الكتاب باب جميل حاول فيه المؤلف أن يقف حول أحسن ما اختاره النقاد والأدباء من الأبيات كل في بابه لتكون في متناول القارئ عند الاستشهاد والتمثل بها ولذا جاء الكتاب بحشد هائل من الأبيات والمقطوعات والقصائد فكان هذا التنوع في الاختيار لا بد وأن يضيف شيئا جديدا في عالم الشعر ودواوين الشعراء القائمة المطبوعة فجاء فيه استدراك لما يزيد على ثلاثين شاعرا لم ترد في دواوينهم أشعار منسوبة إليهم في هذا الكتاب على رأس هؤلاء الشعراء شعراء قامت دواوينهم على أيدي علماء كبار مثل: أبي تمام وأبي نواس وابن المعتز وابن الرومي وغيرهم.