اللسان العربي بين الخصوصية والكون -مصطفى العادل - هشام ميري

١٢٠

سيظل الاهتمام باللسان العربي قائما ما دامت الألسن وعاء الأمم وسجل تاريخها وأخبارها وآدابها، ولسان ماضيها وحاضرها ومستقبلها وثقافتها. والحضارة العربية الإسلامية قائمة على القرآن؛ الكتاب العربي المبين. وتراثها الضخم وتاريخها وأخبارها كله مكتوب بهذه اللغة التي تحدت كل الظروف والعوامل وصمدت أمام تحديات كثيرة.


والعربية تتجاوز المحلية والعرقية، فهي لسان الإنسانية لا لسان العرب فقط، فقد نزل القرآن الكريم على الرسول العربي -صلى الله عليه وسلم-الذي بعث للعالمين لتتحول معه العربية من لسان قوم إلى لسان الإنسانية جمعاء، وأصبح التكلم بها شرطا كافيا للانتساب إليها.


وهذه العالمية التي ميزت اللسان العربي دفعت الكثير من العلماء من أمم وأقوام أخرى إلى الإسهام في بناء صرح الحضارة العربية الإسلامية والتأسيس لها؛ حتى استطاعت التأثير في باقي الأمم يوم تألقت وازدهرت فيها العلوم والمعارف بجمعها بين الرحمة والقوة، وبين اللين والشدة. واليوم لا يتأمل الباحث في الأعلام المؤسسين للعلوم في الحضارة العربية الإسلامية إلا ووجد قائمة لا تعد ولا تحصى من العلماء غير العرب، ممن كان لهم الدور الكبير في ازدهار تلكم الحضارة، وقد بالغ بعض الباحثين حتى قالوا بأن الحضارة العربية الإسلامية بناها غير العرب من العلماء.


يأتي هذا العمل في إطار الجهود العلمية التي تسعى إلى الكشف عن أسرار اللسان العربي في أبعاده المختلفة والمتعددة، منها علاقة اللسان العربي بحضارة القرآن في منجزاتها التاريخية المعرفية والعلمية، والسعي إلى الوقوف على أهم التحديات التي يواجهها اللسان العربي اليوم في مجالات متعددة في مختلف ربوع الوطن العربي، مع اقتراح خطوات علمية وعملية لتجاوز تلك التحديات في استشراف غد مشرق للسان العربي، ومن ثم للأمة العربية والإسلامية والإنسانية عامة.


وللبحث في خصائص اللسان العربي بين اعتباره لسان الإنسانية واعتباره لسان طبيعي كباقي الألسن من جهة، وفي علاقاته مع قضايا الدين والقرآن والحضارة، وكذا مؤهلاته وتحدياته وآفاقه من جهة ثانية، يأتي هذا الكتاب الذي يجمع بين دفتيه أبحاث الندوة الدولية (اللسان العربي بين الخصوصية والكونية: دراسات في الخصائص والتحديات والآفاق) التي نظمها مختبر الأدب والبناء الحضاري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية-جامعة محمد الأول بوجدة، يومي 15 و16 يناير 2021م، احتفالا باليوم العالمي للسان العربي، واحتفاء بالعالم اللغوي المغربي الدكتور عبد العلي الودغيري.


جاء الكتاب في ستة أقسام، يضم كل قسم منها عددا من الدراسات. يشمل القسم الأول أربعة منها في مشروع المقاومة اللغوية عند عبد العلي الودغيري، ويشمل الثاني خمسة أبحاث في خصائص اللسان العربي وكونيته. ويضم القسم الثالث ثلاثة أبحاث في علاقة اللسان العربي بالألسن الأخرى. بينما يضم القسم الرابع ثلاثة أبحاث في المقاومة اللغوية وحماية اللسان العربي. ثم يأتي القسم الخامس في ثلاثة أبحاث في بعض التحديات التي يواجهها اللسان العربي. ثم القسم السادس وهو في خمسة أبحاث تناولت بعض مؤهلات اللسان العربي وآفاقه.


وإذ نقدم للقارئ الكريم أعمال هذه الندوة الدولية، في نسخة جديدة بدار ركاز بالأردن بعد أن طبع في طبعة أولى بالجزائر، فإننا نأمل أن تفتح الطريق أمام الباحثين الشباب للاشتغال على بعض قضاياها في رسائل متخصصة، كما نأمل من القارئ البليغ أن يقدم لنا توجيهاته العلمية، إذ لا شك أن أي عمل بشري تشوبه الكثير من النواقص.

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ٠٫٥ كجم
  • ١٢٠
إضافة للسلة

منتجات قد تعجبك