إعادة النكرة والمعرفة في السياق القرآني الدلالات والقواعد - رشاد المحمود كنوز إشبيليا

٧٠

لقد وجه الله عباده لتدبّر كلامه وعَقْل معانيه في مواضع من كتابه،

قال : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)

وقال: (كِتَابٌ أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدْبِّرُوا وَايَتِهِ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ)


وإن مما يُعين المسلم على تدبّر كلام الله تعالى النظر في تنوع أساليب نظمه واختلافها من مقام لآخر.

وقد أولى المفسرون هذا الأمر عنايةً بالغةً قديمًا وحديثا، لا سيما أن ذلك يسهم في الكشف عن بعض أوجه بيانه.

ومن عنايتهم بالأساليب البلاغية في القرآن الكريم إفراد عدد منها في كتب علوم القرآن بالدراسة والبيان، ومن هذه الأساليب: ذكر الاسم مرتين فصاعدًا؛ سواء اتفق الاسم في الموضعين في حال التنكير والتعريف أو اختلف، كنحو قول الله تعالى: (اللَّهُ نُورِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّى)

وقوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفِ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفِ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةٌ)

وقوله: ﴿هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)

وقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضِ دَكَّا دَكَّا)

وتكرر مثل هذا في كتاب الله مدعاة للتساؤل عن دلالاته وآثاره.

وممن نبه عليه الإمام الزركشي (ت: ٧٩٤هـ) بقوله: «قاعدة... إذا ذكر الاسم مرتين فله أربعة أحوال: لأنه إما أن يكونا معرفتين، أو نكرتين، أو الثاني معرفة والأول نكرة، أو عكسه، فالأول: أن يكونا معرفتين والثاني فيه هو الأول غالبًا، ... الثاني: أن يكونا نكرتين فالثاني غير الأول.... الثالث: أن يكون الأول نكرة والثاني معرفة فهو كالقسم الأول يكون الثاني فيه هو الأول.... الرابع: عكسه فلا يطلق القول به بل يتوقف على القرائن (١)، وذكر تحت كل حال من الأحوال الأربعة عددًا من الآيات الكريمة.

ومن عبارته - رحمه الله - جاءت فكرة دراسة إعادة الاسم على الأحوال الأربعة المذكورة؛ خاصة مع نصّه وغيره من الأئمة على عدد من القواعد التي تُعين على ضبطه ومعرفة مدلولاته.

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ٠٫٥ كجم
  • ٧٠
إضافة للسلة

منتجات قد تعجبك