ينبني الكتاب على إشكال كلّي يتعلق بالظهور الغائي لكتاب «الرسالة»، من حيث تدوينها وامتدادها العلمي والتاريخي نعرضه على هذه الصيغة: ما صلة رسالة الشافعي بالنص الشرعي بحسبانها خطاب بداية في فن أصول الفقه؟ وهل تمثل «الرسالة» تجربة اجتهادية منهاجية في فقه النص؟ أم قانونا ثابتا في فقه الخطاب الشرعي؟. وتُعمّر هذا الإشكال أسئلة فرعية متداخلة:
أولها تاريخي، ومفاده: هل «الرسالة» مصنف تاريخي وفق سياق مخصوص؟ أم هي كتاب منهاجي يتجاوز الزمن، ويتخطى المكان، ويتفاعل مع العقل؟
وثانيها علمي، ومعناه: هل يمثل علم أصول الفقه في «الرسالة» نظرية معرفية إسلامية خالصة وأصيلة؟
وثالثها منهجي، ومطلبه: هل «الرسالة» جواب عن سؤال منهاج تقعيد الأصول؟ أم عن سؤال منهاج الاجتهاد الفقهي؟ أم عن سؤال منهاج النظر في كل العلوم؟
ورابعها مقصدي، ومراده: هل تتصل غايات الدرس الأصولي بما هو منهجي ؟ أم بما هو علمي ؟ وهل تمس الناظم العمراني لفن الأصول؟ أم ناظمه الاستدلالي؟
وخامسها نقدي، وحقيقته: كيف تلقى العلماء من شتى المذاهب «الرسالة»؟ هل بالوفاق والقبول ؟ أم بالنقد والمراجعة؟ وما قيمة القراءات المعاصرة «للرسالة»؟
تلك سؤالات جزئية تنتظم في كليّ الإشكال المحوري، أحسب الجوابات عنها، وتقليب النظر فيها كفيل ببلوغ المقاصد المرسومة من الكتاب، ومن غاياته المطلوبة، من أحقها وأرجاها: الكشف عن "نظرية معرفية أصولية متكاملة النسق، محكمة البناء.