مقاصد أصول الفقه ومبانيه دار النور المبين

٦٥

هذا الكتاب هو من أنفس ما أصدرت الدار وتفتخر به والدكتور احمد حلمي حرب باحثٌ

متمكّن فيما يقول ويبرهن وهو من القلّة التي هضمت هذا العلم وفهمت مراميه في عصرنا الذي غُيّب هذا العلم قصداً وشوّه عمداً، والله المستعان


قال الإمام الغزالي : (فكل علم لم يَستولِ الطالبُ في ابتداء نظره على مجامعه ولا مبانيه، فلا مطمع له في الظفر بأسراره ومباغيه)


ولعلَّ أهم العثرات والإشكالات التي يواجهها علم أصول الفقه في هذا الزمان أنه لم يعد يُدْرَس ويُدَرَّس ـ في غالب الأحوال ـ كعلم تراعى فيه هذه الطريقة، وإنما كمسائل متفرقة لا رابط بينها، يعوزها التأصيل والتحليل والتعليل. فكان غاية ما يحصِّـله منتهج هذا المنهج معرفة تصورية لمسائله ـ ولا شك أن هذه مرتبة المتوسطين في العلم كما لا يخفى ـ دون أن تتحقق فيه المَلكَة العلمية الراسخة التي بمقتضاها يعتبر من الأصوليين المجتهدين في هذا العلم القادرين على تطويره واستثماره والتجديد فيه عند الدواعي. هذه الملكة الأصولية إنما تحصل من خلال ممارسة مسائل أصول الفقه كعلم له منهج وطريقة في النظر والتعليل والبناء.


من هنا كان الوقوف على مبادئ أصول الفقه والإحاطة بمجامعه ومراعاة مقاصده من أهم المطالب التي تتعلق بهذا العلم، والتي يمكن أن تذلل المسير لطالبه وتعينه في الوصول لمطلوبه، هذه المقاصد والمباني هي خلاصة البحث والتحرّي في هذا العلم التي ينبغي أن تكون مقصد كل باحث وغايته في أثناء طلبه.


وهذه الأطروحة تعتني في جانب منها بالكشف عن حقيقة هذا العلم، وأهميته، ونوعية مسائله، وطريقة بنائه، وكيفية ترابط المسائل الأصولية مع بعضها باعتبار وظيفتها المحققة لمقاصد الشارع في الاجتهاد استنباطاً وتنزيلاً بحيث يحصل من مجموعها نظرية أصولية مترابطة ومتكاملة.

كما أنها تعتني بالكشف عن كيفية استمداد مادته من مصادره، وكيفية تكامله بغيره من العلوم التي تشترك معه في جهة مشتركة ترجع إلى غايته أو موضوعه أو مرتبته بين العلوم.


بالإضافة إلى الكشف عن جهات البحث الأساسية التي تدور عليها المباحث الأصولية، والتي توضح جهات النظر إليها وأسباب الاختلاف فيها.

كل ذلك بما يعطي الباحث قدرة على التعمق في هذا العلم، والوقوف على منجزات العلماء فيه، واستثمار مباحثه للارتقاء به إلى الحدّ الذي يمكن أن يحقق شرط التقدم الحضاري الذي أساسه الاعتراف بمكانة العلم والعلماء في التغيير والتصويب. خاصة وأنّ لأصول الفقه أهمية كبيرة بالنسبة إلى الشريعة الإسلامية وسائر علومها، وهو بما يشتمل عليه من مباحث وأحكام، وبما يقوم عليه من طريقة بحث واستعلام، وبالنظر إلى شرف موضوعه وعظيم أهميته، يعتبر مقوماً من مقومات الفكر الإسلامي ومشخصاً من مشخصات الهوية الإسلامية في جميع أبعادها سواء منها المعرفية أو الحكمية. ولا نُغْــِرب إذا قلنا بأن هذا العلم يعتبر شرطاً من شروط إعادة التفوق الحضاري، بشرط: أن نسدد البحث فيه بما يحقق غايته، ويحافظ على دوره المقصود منه في التأصيل للشريعة، وتوجيه العلوم والأعمال بما يتوافق مع غايات التشريع الإلهي ومقاصده، ومن هذه النظرة انطلقت كثير من الدعوات الإصلاحية والتجديدية كما لا يخفى.


على كلّ فإنّ الكشف عن مقاصد أصول الفقه، ومنطقه الداخلي، وانسجام بنائه والتصدي للتشكيكات التي تقلل من شأنه أو تلغي دوره أمور لا بدّ منها في المحافظة على الهوية الإسلامية وإمكاناتها الواقعية، كما لابدّ منها للتأكيد على رصانة هذه الأصول ومتانتها، وضرورة الانطلاق منها كشرط في أي عمل أو مسعى يتعلق بالشريعة الإسلامية وفي أيّ جانب منها.


ولما كان أصول الفقه علماً من العلوم، والعلم يطلق ويراد به نفس الفن المدون كما ويراد به مسائله، فأنّ النظر إليه يستحسن أن يكون من ناحيتين: إجمالية، ينظر من خلالها إلى العلم في نفسه بحسب موضوعه وغايته وطريقة بنائه. وأخرى تطبيقية، ينظر من خلالها إلى نفس مسائله ومباحثه التي تندرج تحته والتي تشكل بمجموعها حقيقته، بناء على أنّ حقيقة العلم مسائله كما نصّ على ذلك المحققون. من هنا كان الكلام في هذه الأطروحة مشتملاً على هاتين الناحيتين:

حيث نتكلم أولاً عن مقاصد "أصول الفقه" ومبانيه من حيث هو علم، وذلك حتى يتم الوقوف على حقيقته وغايته والفوائد المترتبة على تحصيله واقعاً وإمكاناً، والأسس التي يقوم عليها، وجهة استمداد مباحثه، وعلاقته بالعلوم التي يتكامل بها.


ثم نتكلم ثانياً عن مقاصد ومباني "مباحثه ومسائله" والتي يعرف بها جهة النظر إليها ومآخذها، وكيفية تناول العلماء لها على ـ سبيل الإجمال ـ فأن البحث فيها لن يكون تفصيلياً متقصياً وإنما بالقدر الذي يحصل به مقصود الأطروحة.


وقبل ذلك لا بدّ من التقديم بفصل تمهيدي نتكلم فيه عن: تعريف كل من "أصول الفقه" و"المقاصد" و"المباني"، وعن أهمية الالتفات إلى مقاصد العلم ومبانيه في تحقيقه والرسوخ فيه. بناء على ذلك قسمت الأطروحة إلى ثلاثة أبواب كما هو موضح في الفهرس.

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ٠٫٥ كجم
  • ٦٥
نفدت الكمية
المنتج غير متوفر حاليا

منتجات قد تعجبك