الإيمان بالغيب مفرَق الطرق في ارتقاء الإنسان وسموّه إلى آفاق أرحب من عالم الشهادة المحسوس، فهو يُعرِّف المؤمن أن وراء عالم الشهادة غيب لا يُتَوصل إلى حقائقه إلا بالتلقي عن العليم – سبحانه- ومن ثمّ يوجه المؤمن جهده نحو تحري المصدر الصحيح الذي تُستمد منه هذه المعارف ليصل إلى الحق، ويحقق معاني العبودية لله تعالى. والإيمان بالغيب أساس الاعتقاد الصحيح، فمسائل الإيمان وأركانه تقوم على الإيمان بغيبيات ثبت عند العبد صدق مُبلّغها "عليه السلام"، فهو يؤمن بها ويُنْزلها من نفسه منزلة الثوابت واليقينيات التي لا تحتاج لدليل. فبالإيمان بالغيب يُعلم مراد الله عز وجل في سائر العبادات وبه ترتفع الأمم عن دنس الشرك. كما أن رسوخ الإيمان في القلب حتى يستوي الغيب والعيَان هو لبُّ مرتبة الإحسان. ولما تفشّت أنواع الانحراف في الإيمان بالغيب حتى خفيَ الحق على كثير من الناس وتخبّطوا وراء ضلالات الراجمون بالغيب، الخائضون فيه بغير علم ولا هدىً.. من هنا نشأت أهمية البحث في أصول الإيمان بالغيب وتمييز الغيب الحق من الباطل المقنّع بقناع الإيمان، وإبراز قواعده وأصوله ليُنظر فيها إلى المتغيرات والمستجدات فيما يتعلق بالغيب ومسائله.