لكل ملة أو مذهب أساس ومنهج؛ منهما ينطلق في تأسيس رؤاه وتصوراته ومسائله، ويتمثل أساسه في مرجعيته المكونة لمصدر التلقي المعرفي، ولن تتحقق الفائدة من هذه المرجعية إِلَّا من خلال المنهج الذي به تنضَبِطُ سُبلَ الاستمدَادِ والاستدلال بها، وهذا مَا تَحقَّقَ لهذه الشَّرِيعَةِ الغَرَّاءِ؛ فإنها قَامَتْ عَلَى أَساسِ الوحي، وأَرشَدَتْ إلى منهج الاستدلال الحق.
وقد اضْطَلَعَ شَيخ الإسلام ابنُ تَيْمِيَة إِلى إِبْرَازِ هذهِ المَرْجِعِيَّةِ، وَبَيانِ الأَدَوَاتِ الصَّحِيحَةِ التي من خِلَالِهَا يَتَحقَّقُ الفَهُمُ القَوِيمُ لها، لا سيما مع وجودِ الانحرافِ المُبَشِّرِ فِي هَدَيْنِ الأَمرَيْن. وَوَقَع القَصد في هذه الأَطْرُوحَةِ إِلى إِبْرَازِ المَجْهُودَاتِ التِي بَذَلَها هذا العَلَمُ المُبَرَّز في هذا المنحى؛ من خِلَالِ بيان معالم التلقي والاستدلال في الشريعة عموما وفي جَانِبِ المعتَقَدِ عَلَى وَجْهِ أَخَصٌ.