الحديث النبوي النفسي يراد به الإخبار عما في نفس سيدنا رسول الله ﷺ، وهو أمر لا يتأتى إلا لعالم به ولا يسوغ إطلاقه إلا بقرينة صحيحة دالة عليه، والتقول فيه بغير علم مظنة الوقوع في الكذب على سيدنا رسول الله ﷺ، ولا يخفى ما في ذلك من الخطر والضرر.
وهو يتردد بين أعلى درجات القبول كالمتواتر وأحط دركات الرد كالموضوع وما بينهما من المراتب صحةً وحسنًا وضعفًا، ومرجع ذلك لدرجة الحديث المستنبط منه المعنى النفسي، والقرينة الدالة عليه، وجودة فهم ذلك المعنى بتلك القرينة.
وقد شاع في المتأخرين قوم استسهلوا الكلام في السيرة النبوية، فدبجوها بالأحاديث النفسية بالعلم تارة و بالتخرص والتكهن تارات، وربما راج فعلهم بين الناس وقبل؛ لكونه مسوقًا في قالب من القوالب العصرية، بالحديث عن الماورائيات والبحث عن الدوافع النفسية والخواطر الكامنة الخفية،
وكل ذلك لو ساغ في كلام الناس وتواريخهم فإنه لا يسوغ في الإخبار عما في نفس المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ﷺ.
وهذا الكتاب تأصيل لهذا الموضوع، ومحاولة للذب عن حياض السنة المطهرة والجناب النبوي الشريف، وفتح باب جديد في الدراسات الحديثية، والله من وراء القصد، وهو ولي التوفيق وأهل الحمد.