فإِنَّ الله تعالى كرَّمَ الإنسانَ بإيجادِه وخَلْقِه، وشرفه بإسكانه أرضه وباستخلافه فيها، وأنعم عليه بأن جعَلَه على عقيدة الإسلام الخالصة، موصولا به بما شرَعَه، له وامتَنَّ عليه بأن رسم له طريق نجاته في الدنيا بامتثال الأوامر والتكليفاتِ، فإن نَسِيَ وغوى أرسل إليه الرسول بعد الرسول، والنبيَّ تِلْوَ النبيّ، يُجَدِّدونَ العقائد، ويُقرِّرونَ ما عُطّل من حُكْمِ الشرائع، يذكرونه بأمْرِ ربّه، وينبهونَه أن الخير والنجاة في الرجوع إليه، وإمحاض العبادة والتشرع بشرعه.
وجعل سبحانه أمور التكليف والعبادَةِ فيما يُطيقه العباد ويستطيعونه، ودَرَّجَ أحكامه لهم؛ ليُعينهم على التَّشَبُّتِ بِشَرْعِه، وإجابته فيما افترضه، وشرع لكلِّ أمةٍ من تكاليف الشريعة ما يناسب طبيعتهم وظروفهم، زيادةً منه في التفضّل والتكريم، ومراعاةً وعِلْمًا منه بضَعْفِهم، ﴿لِكُلٍّ جَعَلنا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهاجًا﴾ [المائدة: 48]