ففي الوقت المعاصر وعلى إثر تعدّد الثقافات ومشاربها مما هو على هدى أو في ضلال مبين وسهولة تلقفها وتناولها وكثرة من يتأثر بها جهلاً بمآلاتها ومقاصدها وجب على كل قادر أن يذود عن دين رب العالمين، وأن يرد أقوال وشبه المبطلين. وإن مما يُلحظ من مشارات الشَّعب على الدين وأحكامه وتوهينها بين المسلمين ما يورد من الشبه على الاستدلال بالنصوص من الوحيين - الكتاب والسنة - ليضعف الاعتصام بهما، ويهون على المسلمين التمسك بهداهما، ومن تلك الشبه القول بظنية دلائل الألفاظ وما يجره من مآلات تقَوِّض الشريعة بأدلتها وأحكامها.
لقد رأيت الحاجة لتجلية الحقيقة والذود عن الشريعة، كيف وقد غزت هذه الشبهة عقول كثير من أبناء المسلمين، وسوغت لبعضهم - لجهلهم - سلوك طريق الناكصين، وأوردت بعضهم موارد التأويل والتحريف، لم يكن ذلك بمجرد اعتقاد أصلها، بل عظم الأمر لما انغمسوا بآثارها ومآلاتهـا ومـا ينبني عليها ولوازمها، مما أضحى انحرافاً واضحاً عن تعظيم الوحيين والاستدلال بهما. ولما رأيت دراسة المسألة تأملت فوجدت - مجتهداً - أن أنفع سبل هذه الدراسة هو تتبع المسألة من جذورها، والعناية بها من أول صدورها، والعناية بأول من ردها وأبطلها، ومن وهاها وزيفها، فاقتضى ذلك ربط دراسة المسألة بالإمام الرازي رحمه الله تعالى صاحب أول قول فيها، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى صاحب أو فى رد عليها، مع بيان أثر القول بالظنية بالانحراف الاستدلالي المعاصر فكان الكتاب بعنوان : ظنية الدلائل اللفظية .