محاورة الاستشراق - زياد المرصفي و آنا برنارد و ديفيد أتول البحر الأحمر للنشر

٧٥

تخطو البحر الأحمر هذا العام خطوة جديدة في الاشتباك مع الطرح الغربي عن واقعنا العربي والمسلم والشرقي بصفة عامة، وتبدأ في نشر سلسلة جديدة بعنوان هو "الاستشراق الأنجلوأمريكان"، حيث تنشر من خلالها مترجمات لكتابات رصينة جادة صدرت عن دوائر معتبرة في الأكاديميا الغربية. ويصدر هذا العام كتابان:


أ- أولهما وهو خير استفتاح لهذه السلسلة؛ كتاب "محاورة الاستشراق" الصادر عن دار شبرينجر.


مثًلت لحظة صدور "الاستشراق" لإدوارد سعيد حجرًا أُلقي به في البركة الآسن ماؤها، إذ فوجيء به الكل ولم يكن هناك أحد آنذاك مستعدًا لمجابهة طرحه، فالساحة كانت تشي بأن المعركة قد حُسمت وأن الغرب قد أمسك بتلابيب العالم وأن سرديته أحكمت الخناق حول رقاب الجميع. صُوٍر العرب والمسلمون على أنهم متخلفون مستسلمون، وكانت وسائل الإعلام الغربية ومعها الأكاديميا وجيوش المستشرقين تبث دعايتها على مدى قرنين من الزمان مكرسًة الأدب والموسيقى والسينما والأبحاث "العلمية" كلها في هذا الاتجاه، حتى أتى سعيد من قلب هذه الأكاديميا ذاتها وقلب المائدة على الجميع، فكانت المفاجأة التي أربكت الكل، وشعر الكل أنه مطالب بالرد ولم تكن المهمة سهلة على الإطلاق، فسعيد لجأ إلى كل شيء تقريبًا ودعًم به أطروحته في الكتاب، فكتب عن الأدب وهو صاحب التخصص فيه وفي نظريته الأدبية، وكتب عن الموسيقى؛ وهو متذوقها الكبير وعازف البيانو الذي يرقى عزفه عليه إلى درجة الاحتراف، وكتب مستشهدًا بالوثائق التاريخية وأرشيفات الحكومات كأفضل باحث مجتهد في علوم التاريخ، وكتب كذلك عن السينما والمسرح والجرائد وأخبار المراسلين وأبحاث المستكشفين بل وتقارير المستعمرين، فانبرت الأقلام تهاجم وكانت أولى نقاط الهجوم هي أولى نقاط ضعفهم، ألا وهي نقطة تداخل العلوم، حيث اتهموه بعدم التخصص، ثم رأوا أن هذا غير كاف، وصارت المهمة ثقيلة، فالمتخصص في الأدب كان عليه أن يقرأ تاريخ المستعمرات ليفهم، والعكس كان صحيحًا ومريرًا، فكان على القائمين على إحصائيات المستعمرات أن يتذوقوا الأدب كي يستطيعوا الرد.

كتابنا هذه المرة يناقش "استشراق" سعيد واستقباله بالأمس واليوم؛ كتاب كتبه أربعة عشر متخصصًا من الجامعات البريطانية يناقشون كُلٌ في ورقته طرح إدوارد سعيد من زاوية من الزوايا يقرأون "استشراقه" مرة أخرى بعد أربعين عامًا من إشراقته الأولى، أربعون عامًا جرت خلالها مياه كثيرة في النهر، وأصبحت مصداقية اليوتوبيا الفكرية الغربية ذاتها على المحك ، وكان لسعيد إسهام كبير في طرح سؤال الجدوى فيها. أسماء كبيرة وهامة شاركت بمقالات رصينة عميقة، نعرف الكثير منها هنا في عالمنا العربي ومنهم على سبيل المثال "بيتر جران"، "ديفيد أتويل"، "روبيرت إيروين"، "زياد المرصفي"، "منيرة الغدير" و "روبرت سبنسر".


تصدت لترجمة هذا الكتاب القديرة الدكتورة لميس النقاش من قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة القاهرة، القسم الذي كان شيخ أساتذته هو مترجم سعيد الكبير المرحوم الأستاذ الدكتور محمد عناني، وهو نفسه القسم الذي تعلمت فيه آداب الإنجليزية المرحومة العظيمة رضوى عاشور، قسم شكًل ضلعًا هامًا في الثقافة العربية لعقود، بما يعنيه من احترافيًة في العمل وإخلاص في الرسالة، وهو مايستشعره المرء عند قراءته لهذه الترجمة التي أتت معبرة بصدق ومهنية عن الموضوع كأفضل ما يكون.

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ٠٫٥ كجم
  • ٧٥
إضافة للسلة

منتجات قد تعجبك