فإني أضع بين يديك أيها القارئ الكريم الكتاب الثاني في مشروع خدمة التراث الحنبلي، بعد أن حققت كتاب نهاية المبتدئين للإمام ابن حمدان، في عقائد الحنابلة. وهذه المرة أحقق شيئًا من الأعمال الحنبلية المتعلقة بالتراث اللغوي، وهو كتاب يتضمن خدمة ثلاثة أعمال في فنون العربية، وبوجه أخص في علم البلاغة، في مباحث المجاز والتشبيه والاستعارة.
وأصل هذا العمل : هو رسالة الاستعارات، أو الرسالة السمرقندية، أو الرسالة الترشيحية؛ للعلامة أبي القاسم إبراهيم بن محمد الليثي السمرقندي، الحنفي رحمه الله تعالى ، وقد شرحها العلامة عصام الدين إبراهيم بن محمد بن عربشاه (ت: ٩٤٣هـ) شرحًا ممزوجًا، هو من أشهر الشروح وأهمها؛ فلذلك تناوله أهل البيان من بعده بالتحشية والتقرير، فكثرت حواشيه حتى أربت على الثلاثين، وعلى بعض هذه الحواشي حواش و تقريرات؛ كحاشية العلامة إبراهيم الميموني (ت: ۱۰۷۹هـ) على حاشية الحفيد (ت: ۱۰۰۷ هـ)، غير ما تضمنته النسخ الخطية الكثيرة لهذا الشرح المبارك من عشرات التعليقات.
ومن شروح هذه الرسالة التي لقيت اهتماما فائقـا مـن العلماء فتناولوهــا بالتحشية والتقرير : شرح العلامة شهاب الدين أحمد بن عبد الفتاح الملوي القاهري (ت: ۱۱۸۱ هـ)، فقد وضع على هذه الرسالة شرحين : كبيرًا، وصغيرًا، وكتبت على شرحه الصغير حواش نفيسة، من أشهرها : حاشية العلامة محمد الأمير (ت: ۱۲۳۲هـ). وأكثر ما كتب على هذين الشرحين الجليلين ما زال حبيس المخطوطات، مع ما فيه من الكنوز الدفينة، واللآلئ الثمينة.