يُعدّ كتاب “الصاهل والشاحج” من أشهر رسائل أبي العلاء المعري الأدبية في عصره. ومن مظاهر عناية العلماء والأدباء بكتاب “الصاهل والشاحج” ما ذكره ابن العديم الحلبي أنّ هذا الكتاب كان مما وقفه ابن عمار صاحب طرابلس سنة (472هـ – 1079م) على دار العلم بطرابلس، وكذلك فقد أثبته ابن خير الإشبيلي في مروياته، وذكره ياقوت الحموي فيما سلِمَ إلى وقته من الضياع من آثار أبي العلاء، وعدّه القفطي فيما رآه بعينه من كتب أبي العلاء التي سلمت من حملات المحتلّين، وعارَض الكتابَ الوزيرُ الكلاعي في كتابٍ سماه: (الساجعة والغربيب)، وذكره الذهبي في التاريخ، والصفدي في الوافي، والمقري في نفح الطيب. ولكنه بعد ذلك طُوِيَ ذِكْرُه في غيابة الزمن، فلم نعد نسمع له ذكراً منذ أواسط القرن 11 الهجري.
من ميزات هذا الكتاب التي تدل على أنه ثروة علمية لغوية أدبية: أنه يضم (1552) شاهداً شعرياً. ويختلف كتاب “الصاهل والشاحج” عن كتاب “كليلة ودمنة” بأنه قصّة واحدة مترابطة الفصول والمشاهِد، نال فيه أبو العلاء من مكانة “كليلة ودمنة” بما أورده من القصص التي تحدّث بها العرب القدماء على ألسنة الحيوانات، كقصيدة النابغة الذبياني (حية ذات الصفا) وقصة (الديك والغراب) في شعر أمية بن أبي الصلت، و(دالية) أبي صخر الهذلي في بكاء أخيه تليد.