من مساوئ العيش في ثقافة تعظم الاستقلال والإنجاز الفردي أنه إن لم تحقق أهدافنا المثالية فلا أحد يستحق اللوم إلا أنفسنا. وما دمنا خاطئين، فلا تستحق العطف إذن، صحيح ؟ الحق أننا جميعا نستحق العطف ما دمنا جميعا بشراً مدركين نعيش على ظهر الأرض فنحن إذن ذوو قيمة وتستحق الاهتمام. إن العطف على أنفسنا له صفات العطف على الآخرين. أولا يحتاج العطف على النفس أن نقر بمعاناتنا. فنحن لن تتأثر بمعاناتنا إن لم نقر بها ابتداء معاناتنا تكون في بعض الأحيان واضحة بينة لا تكاد تفكر في شيء غيرها، ولكننا أكثر الأحيان لا تنتبه لها. يشيع في الثقافة الغربية التجلد والثبات في وجه المصاعب والملمات. يقولون لنا لا تشتكوا، وامضوا قدما ولا تلتفتوا إن مرت بنا شدة قلما تتوقف ونقر بمدى الألم الذي نكايد. وإذا أتى الألم من الحكم على أنفسنا - إن كنت غاضبا من إساءة أسأتها إلى غيرك، أو من قولك شيئا سخيفا - صعب اعتبار هذه اللحظات لحظات معاناة كل يخطئ، هذه سنة الحياة. وهل تظن غير ذلك ؟ قل لي إذن أين ذلك العقد الذي كتبته قبل أن تولد تتعهد فيه أنك سوف تكون إنسانا كاملا، وأنك لن تخطئ أبدا، وأنك ستصرف حياتك كيفما شئت؟
