يسر مشروع أسفار أن يقدّم للقارئ الكريم الإصدار السادس والستين من إصدارات المشروع : جامع البيان في تفسير القرآن) لمعين الدين الإيجي ( ٩٠٥ هـ ) .
كتابنا لعالم مرتحل من بلدة «إيج» إلى جزيرة العرب ، حط رحله في الحجاز ، واختار مجاورة البيت الحرام ، وتلمس حاجة الدارسين الراغبين في تفسير جامع مختصر لمعاني القرآن بأوجز عبارة وألطف إشارة ، ووجد في همم أبناء عصره من القصور واستحكام الفتور ما يُثير عزيمته على تصنيف تفسير كفيل بالبيان . ولم يقنع بالتفاسير الصغار ؛ قال : وما رأيتُ في التفسير مختصراً يُغني ، وكتاباً يُقرِّب ويدني ، فعَكَفَ على تصنيفه حتى أتى بما طابق الاسم المسمى: جامعاً للبيان، حاوياً تفاسير السلف الصالحين ، ولم يُجرده من فوائد المتأخرين ؛ اختَصَرَهُ ولسان حاله: «لا تستصغر قدر نجمه لصِغَرِ حجمه ، فإنَّك تراه من بعيد ، وإنَّما هو بين الوُشُح وحيد».
ورزق السعادة في تفسيره ذاع فضله وظهر نبله ، فأَنجَدَ وأَتْهَم ، وشرق وغرب ، وأقبل عليه الآخذون ، ومن مِنْهَاجِهِ : أن لا ينقل من معاني الآيات إلا ما دل بالمطابقة ؛ مُعرِضاً عن إيراد محتملاتِ المعاني المشتبهات، منصرفاً عن الألفاظ الغريبة الموحشات ، معتمداً المنقول عن الرسول ﷺ وأصحابه العدول ، بلغت صنعته التفسيرية أقاصي النَّاس فضلاً عن أدانيها ، وفاقَتْ نَسَائِجُهُ حَتَّى يقول المتأملُ اللَّبِيبُ : اللهِ دَر واشيها.
ولما لم يكن لهذا التفسير القيم اليوم طبعة محققة يعول عليها ، وكان من حقه الإخراج اللائقُ به نهَضَتْ بنا الهمَّة لأداء المهمة ؛ لإبرازه بتحقيق مُستَوفِ النسخ الخطيَّة والدّراسة العلمية ، ونحن نقدِّمُه لقرائنا الكرام بتعاون مثمر مع (مركز نَهْجِ العِلْمِي سدَّدهم الله وبارك في جهودهم، وبعناية من د. خالد بن عمر اللوزي زاده الله تعالى توفيقاً .
تضمنت دراسته للكتاب تحقيقات مفيدة ؛ منها: إبانة الملامح العلمية لمنهج المصنف في تفسيره ، ومنها : بيان صلَةِ المصنّف بالمدارس العلمية العتيقة في نجد والحجاز ، ومنها : تحريرُ قضيَّةِ تعدُّد إبرازات تفسير الإيجي بالشواهد والأدلة ، وغيرها من الشوارد المجموعة والفوائد.