هذا الذي بين أيدينا نظم لكتاب كفاية المتحفظ للعلامة الفقيه أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الله الطرابلسي، المعروف بابن الأجدابي رحمه الله من علماء القرن الخامس، وله مؤلفات في اللغة والأنساب والعروض وغيرها.
وكفاية المتحفظ مختصر نفيس في معاني المفردات، قصد به مصنفه أن يكون أصلا سهل الحفظ قريب التناول كافيًا لمن استغنى به، ومُعِينًا لمن أراد الاتساع في لغة العرب.
وقال في مقدمته: «وجنَّبْناه حُوشِيَّ الألفاظ واللغات»، قال ابن الطيب رحمة الله في شرحه: «والمعنى أبعدنا الألفاظ الغريبة المستوحشة واللغات الحوشية المستكرهة لاستثقال النفوس لها وكراهتها في الأسماع والأذواق»، وفي هذا دلالة بينة على خُلو الكتاب مما تستثقله النفوس من الغريب، إلا أنه لغربتنا عن لغة العرب أصبحنا نرى كثيرًا مما حواه غريبا.
وقد أثنى العلماء على الكتاب واعتمدوه، وطُبع طبعات عدة، أجودها فيما نعلم ما طبع في بيروت سنة 1305هـ بتصحيح أحمد عباس الأزهري رحمه الله وأسدها في الجملة وأقربها إلى المقصود من الكتاب ما جُرِّد فيها المتن بلا حواش بالتعليق، أو بإضافة الشواهد أو المراجع؛ إذ إن التعليق على الكتاب أو إضافة الشواهد مجاف لقول مصنفه في مقدمته: «وأعريناه من الشواهد ليسهل حفظه، ويَقرُب تناوله».
إن هذا الذي قصده المصنف من كتابه هو مقصد عامة مؤلفي المتون المختصرة في فنون العلم كافةً؛ لأن ضبط مختصر في فن ما فهما وحفظاً أساس لا يستغني عنه من أراد إحكام مسائل ذلك الفنّ، وطالب العلم الذي يَدخُل أو يُدخل في المطولات والتفاريع قبل ضبط المختصر لن يأتي له الفهمُ على وجهٍ صحيحٍ، ومن أضاع أوائلَ الأمور أضاع أواخرَها.