لا شكَّ أنَّ سير الأنبياء والصالحين محببة إلَى النفوس، قريبة من القلوب، وفيها مواعظ وعبر وحكم يستفيد منها الأذكياء العقلاء، ويجعلون منها نبراساً ينير لهم، وزاداً يتزوَّدون به في طريقهم إلَى الله، وأحبُّ السير إلَى القلوب، وأعظمها علَى الإطلاق سيرة رسول الله ﷺ، فهو سيد ولد آدم، وخليل الرحمٰنِ، وخاتم النبيين ﷺ.
وسيرته الشريفة مشتملة علَىٰ علومٍ جمةٍ، وفوائد مهمة، لا يستغني عنها عالمٌ، ولا يحسن بالمسلم الجهل بها.
ولأجل هذا كانت الكتابة في سيرة المصطفى ﷺ في البال منذ أمدٍ بعيدٍ، حتى يسَّر بفضله وجوده أن اطلعت علَىٰ كتاب: (الفصول في سيرة الرسول ﷺ) للحافظ ابن كثير رحمه الله، وهو ممن كتب في السيرة النبوية فأحسن وأجاد، إلا أنني وجدته مختصراً جدَّاً، لا يشبع ري الظمآن إلى سيرة هذا النبيِّ العظيم ﷺ، ثم اطلعت علَىٰ ما حققه الشيخ الألباني رحمه الله من السيرة النبوية من «البداية والنهاية» لابن كثير أيضاً، والذي طبع باسم «صحيح السيرة النبوية»، والذي قام رحمه الله بتمييز السيرة النبوية صحيحها من ضعيفها، وعلَّق عليها يرحمه الله، إلَىٰ (فصل في الإسراء برسول الله ﷺ من مكة إلَىٰ بيت المقدس ثم عروجه من هناك إلَى السماوات وما رأى هناك من الآيات).
وقد قمت ـ بحمد الله ـ بكتابة هذا الكتاب (مسك الختام في سيرة خير الأنام ﷺ) وذلك بالاستفادة والاقتباس من كتب أهل العلم، وخاصة الكتابين المذكورين آنفاً، إضافة إلَىٰ «البداية والنهاية» و«تفسير القرآن العظيم» للحافظ ابن كثير رحمه الله، مع تمييز صحيح الأحاديث من ضعيفها، وذلك باعتماد تصحيح الحافظ ابن كثير، ثم ترجيح اجتهادات الشيخ الألباني في ذلك، فاستفدت ـ خاصة ـ من كتب السنن الأربعة بتحقيقه، و«الصحيحة» بأجزائها، و«صحيح الجامع»، ودرجة الحديث في الهامش هي درجته حسب ما قرَّره العلامة الألبانيُّ، إن لم اذكر خلاف ذلك، هذا فيما عدا أحاديث الصحيحين بطبيعة الحال.